RSS
أهلا بكم

عمتى تفيدة

لازلت أتذكرها بالوجه الممتلئ الرائع والحسنة السوداء والجسم الممشوق الفارع كانت تسكن داراً واسعةً وتملك أرائك وسريراً مفروشاً بألوان زاهية ورائحة عطرة كانت أغلى بنات أم علي وأحلاهن على الإطلاق كانت تمتلك خادمة تأمرها أن تحضر كل طعام كي يأكل منه الفقراء..كانت تملك أسرار الفتنة فتزوجت أحمد الرجل الأول والأخير واستوعبت الدرس من أمها.. كيف تحافظ عليه ولا تتركه لامرأة أخرى ويهجرها وتعيش الأحزان فابتسمت للزوج عند فراقه صبحاً وعند لقائه في المساء كانت تغمره بالفرحة وبأحلى أحاديث الحب فكانت له شهرزاد..أعطاها كل العمر.. وفي غمرة تلك الفرحة أقعده شلل رعاش كانت لازالت في العام الثلاثين امرأة تغار منها الشمس حين تظهر ويخجل من طلتها البدر.. لكن الزوج الرائع أصبح مقعد لا يقوى حتى أن يقف قليلاً ليصلي كانت عيناه تنظر لتفيدة وتتمنى أن يسرقها الحلم إليه لكن بلا جدوى تظل تفيدة صامدة في وجه الأحزان تحمله بين يديها وترتاد كل طبيب من شأنه أن يسمو بلوعتها لكن هيهات أحمد مات وترك ثلاثة أبناء وامرأة لازالت في عز ربيع العمر..لم تبك تفيدة واحتضنت كل الأبناء.. قصت ضفيرتها الطويلة وتركت شاربها ينبت وارتدت جلباباً بلون الليل وندرت الجسد الرائع لتربية الأبناء..دق الباب رجل يتبعه رجالاً يخطبون ود تفيده وتفيدة تدق الصدر في دهشة رجل آخر أتعرى أمامه ذيل جلبابي أرفعه لرجل آخر والله أبداً.. ظلت تفيدة حتى وصلت للستين صارت جدة للأحفاد.. وفي عيد ميلادها الحادي والستين رحلت وخلف جنازتها يتبعها كل الأبناء.. يلطمون.. يولولون.. كانت بدراً.. قمراً خلقاً دنيا عمراً.. لم تهوى سوى رجل واحد وكان الإخلاص في العائلة وراثة وديناً نحمله جيلاً بعد جيل..

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

عبده (أنتوكه)

كنت لازلت صغيره حين كان يحضر عبده أنتوكه لمنزلنا فتجتمع النسوة في انتظار أصابعه السحرية لتمر على الوجوه المشعره وبفتلته المجدولة يصبحن ألمع من مرآة مصقولة لم أدر لماذا تكشف النسوة ذات اليشمك وجوهن أمامه ولا تخجل صارت تجري الأيام وحين أصبحت عروساً أصبح عبده أنتوكه "أشهر كوافير" يحمل شنطته المملوءة بأدوات المكياج.. أحمر الشفايف والباروكات يحضرها حين كان يسافر في السبعينات وتحديداً بعد الانتصار إلى مدينة بورسعيد.. تلك المنطقة الحرة وأشهر أساليب الرشوة والتهريب كنت أراه كثيراً يضع أثداء وأرداف يصنعها بقماش مهرب من المدينة الحرة ليصنع منه فساتين زفاف للأفراح.. أصر الأخ الأكبر أن يأتي عبده أنتوكه ليجملني فالليلة كتب كتابي أحضرت الفستان الأبيض لم يبق سوى المكياج تشاجرت مع الأخ كثيراً كي لا يحضر عبده أنتوكه لكنه أخبرني بأن عبده أنتوكه فتاة مثلي لكن جنس ثالث فهمت قليلاً وزال حيائي من "أنتوكة" وتركت له وجهي كي يبدع في أحلى ليالي العمر..أبدع "أنتوكه" ورسم العينين والشفتين فبان جمالاً كان متخفي تحت الحاجبين وتحت الأنف فبدوت كملكة لا ينقصها غير العرش..كان شعري طويلاً وجميلاً لكنه أصر أن يضع على رأسي باروكة رغم أني توسلت إليه لكن إصراره كان غريباً وأمام تعنته الواضح عقد الشعر المسترسل ووضع باروكه أضاعت جزء كبيراً من الشكل العام.. وأمام المرآة مبهورة بجمالي هم عبده أنتوكه ليقبلني ويبارك فنه وإبداعه لكني تراجعت فأطلق ضحكة ناعمة فحسبته أنثى حقيقي فقال.. أنا وأنت زي بعض لا تخافي لكني تشبثت برأي وناديت كل جيراني كي يخرج من غرفتي أنتوكه فوراً فالجنس المتخفي بين النوعين لا أدري ذكراً أم أنثى يجعلني أتوه.. وبعد كتب الكتاب خلعت الفستان والطرحة والباروكه وأخبرت أخي بما صار من عبده أنتوكه فقرر أن يقطع عيشه من تلك المهنه ويعود إلى مدينته بورسعيد كي يعمل فيها بائع "بالة" أو روبابيكيا فزبائن تلك الطبقة دوماً "روبيكيا" مثل من يعمل فيها..

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

فى القرية الصغيرة

(أفــراح)ليلة زفافي كانت ليلة متواضعة للغاية كانت غير ليلة كتب الكتاب॥ في كتب كتابي كان باب شارعنا يزدان ببوابة كبرى عليها كل أعلام الزينة والرايات الخضراء ولمبات تخطف كل الأبصار وفي منزلنا قبع الطباخ يطبخ كان أول طباخ يدخل للشارع منذ أن مات الجد الأكبر "سيدي محمد" ونينه ام على ونينه" وداد" ।قاطعنا الأفراح وتوارت في عينينا الأمنيات لكن الفرح يطل برأسه وينادي الأطفال الأيتام ماتت أمي لكنني سأتزوج ابن العمدة "عادل" بجماله وشياكته الفتاكة وكل عيون الجيران تحسد "زيزي" حلوة صحيح لكن عريس المستقبل أحلى وجاؤا بعدسة تصوير أبيض وأسود صنعوا للصورة أجمل برواز ذهبي॥ آه لو كانت أمي تعيش تلك اللحظة لكانت طارت من فرحتها فالحزن من أجلي هد صحتها وأرق منامها وحرمها من الأفراح فارتاحت من كل عذابات الكون الكامن في عيونها॥ كان الفاصل ما بين كتب كتابي وزفافي تقريباً عام॥ يوم زفافي أتذكره في عيد الفن 10/8 من عام 1978 في هذا العام أطل علينا بنظارته البللورية وكلماته التي تفتح كل الأبواب في الأمل الضائع॥ حمل إلينا انتصار أكتوبر وصار بطلاً في لحظة توحد كل الرؤساء والملوك ليكونوا رموزاً رائعة للأوطان॥ أنور السادات بكل الفطنة والحنكة والإخلاص لمصر يعلن سأزور إسرائيل العالم ما بين مصدق ومكذب ما بين حاقد وحبيب العالم أصبح بركاناً يغلي قالوا॥ خاب॥ غاب وعاد بخيبته الكبرى يحمل في جيبه ورقاً॥ أختاماً ومعاهدات صلح قد صرنا نحن وإسرائيل حبايب يا للعار॥ قالوا خائب يستحق ضرب النار॥تركت ضرب النار والمصدقين والمكذبين والحاقدين لأتفرغ ليوم عرسي الهادئ في القرية الفطرية المحمومة بصراع الفلاحين على المال والسلطة الجاه وفوق كنبة خشبية صنعوا مقعدين من الخيزران مقعد للعروسة ومقعد للعريس وشجرة من جريد موضوعة فوق ملاءة سرير في وسط الدار وبعض النسوة ملتفات بالطرح السمراء الموضوعة فوق الإيشاربات الصوفية الملونة راحت بعض النسوة تزغرد والبعض الآخر راح يغني في سخرية "وضحكنا عليكوا وخدناها" من ضحك علي من..؟!! لقد جهزني أبي جهازاً كبيراً لم ينقصني شيئاً رصت سعدية بطل زوجة عمي الأكواب في نيش السفرة وفوق الشماعات علقت زينب زوجة أبي كل الفساتين الغالية وقمصان النوم رصتها في الدولاب.. وعمتي آمنة فرشت سريري بالطقم الربس الأحمر وتدلت من أعلى البلتكانة ستارة حمراء بلون المفرش.. كانت شقتي تزدان بكل ما يجعلها جميلة شقة متسعة تتألق مثل عروسة ليلة دخلتها كل شيء غني في تلك الليلة حتى كاد خالي محمد ليصفق من فرط الفرحة المحمومة بيديه صعدت إلى شقتي بالدور العلوي.. منحوني قطعاً من السكر تحت لساني حملوا ذيل الفستان والطرحة الواصلة لما بعد الكعبين فرحت كل نساء الأسرة إلا السلفات قالوا من البندر سوف تراوغنا وتهرب من أعمال الدار سبع بنات جئن من البندر هذا العام لم تبق منهن واحدة اتكلوا من حيث جاء بهن العرسان لم تفلح واحدة في حلب بهيمة أو حش البرسيم او حتى كنس الدار ضحكت كل النسوة قالوا أنأكل حلوى المطرية والسمك البوري.. ونفرح بالقراميط حين تتلعبط في الماء لمدة عام لن تبقى.. زيزي دلوعة تستيقظ عند الظهر وتأكل لحماً وتلبس سراويلاً ضيقة سوف يكرها الصبيان فالصبيان في الدار لا يعجبهم الحال المايل وآآه لو وجدوا امرأة تتكحل أو تتجمل أو تلبس فستاناً أظهر فيها للجسم أي بيان تتنبأ كل النسوان سترحل زيزي وسوف يمزق عادل من الغيط جلبابه وسيعلن في سره يوم رآها ويوم حملها إلى قريته "فزيزي" لا تصلح إلا أن تأمر.. تريد خادمه ونحن هنا لا بد أن نعمل لكي نأكل فالمرأة في دارنا لا تبقى فراش الزوج بعد آذان الفجر وتهب واقفة حين تسمع صوت الآذان مر الأسبوع الأول لزفاف الحب وزيزي ترفل في ثياب الزهر والعطر يفوح من شقتها وتفوح رائحة الرومي والبط كل مساء يدعو عادل لوليمة في شقته مرة العم ومرة الأخ ومرة الخال.. فرح لازال يشتاق لعروسه طقوسه اليومية تزداد تصبح كيفاً حين ينادي زيزي كي تصنع شاي بعد صلاة العصر..

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

بعد الفرح الأول بالحب

في القرية سمعت كلاماً أزعجني.. أرعبني قالوا خلفة البنات عار ومذله وخلفة الذكور كرامة وعزوة مورث ثقافي سخيف فقير الإنسانية أو عديم الإنسانية بالمرة الشرف هنا جسد الإنسان اقتصر الشرف والفضيلة على الأعضاء التناسيلة كما كانت منبع الفضيلة والرزيلة ولأن الرجل في الموروث الثقافي الشائع هو "الدابور" طارد الإناث بالزواج والطلاق أو بدونها والإناث يستجبن له بالعقد أو الرغبة.من اليوم الأول لزواجي وأنا أخاف من المجهول والمجهول شيء لا أدريه.. لكنه كثيراً ما يصيبني بالكآبة ويعتريني إلى الضيق لأقل الأسباب كنت أشعر أحياناً أني إمتلكت العالم بأسره حين صار ابن العمدة زوجاً لي وفي أحيان أخرى تأتي هموم العالم فوق رأسي وتدفعني دفعاً للنوم.. لا أريد أن أخرج من عالمي الصغير الكتب التي حملتها من مدينتي والتي تحملني إليها بين الحين والحين الوحدة تداهمني بعد عودة زوجي إلى العمل في مدينة بعيدة يأتي منها كل مساء مهرولاً إلى فراشه كي ينام.. الخوف من الأيام يلازمني.. ماذا أفعل؟!!.. كان الليل يشاغبني فأشاغب زوجي.. يستيقظ من نومه على صوت بكائي يسألني عما يحزنني أصمت.. قال لابد من النزول إلى العائلة لقد طالت غيبتك داخل غرفتك.. النساء في الدار بدأت تتحدث عنك.. أمي نجيبه متذمرة منك تشكو رقدتك كدجاجة ترقد فوق البيض تقول ماذا تفعل لقد خبت خيبة كبيرة وتزوجت من البندر.. ابن سمارة طلق عروسته في الإسبوع الأول وابن أيوب وغريب المرسي.. سبع بنات من البندر انزحن من القرية فالقرية لا تتحمل دلع بنات البندر.. أني أتأدب تؤدبني الأيام وتعطيني امرأة تنام حتى الظهر يا حسرة قلبي شقتها مغلقة النوافذ لا تدخلها الشمس ورائحة الكسل تطل إذا بانت كي تنشر أي غسيل.. يا ولدي يا عادل يا حبيبي قلبي يتمزق من أجللك.. أنهي محاضرته الليلية جذب غطاءه جذباً.. نام وصوت شخيره يؤلمني فالأرق أصبح عادة تلازمني لأني أنام حتى آذان الظهر وآذان العصر حياتي خاوية إلا من صوت ضجيج يدوي في صدري ما فائدة حياتي.. لا زوج يصاحبني ولا صديقة تؤانسني في الدار.. أمه نجيبه ترسل في طلبي.. دقت أجراس خطر المجهول أتأزم أصبح كالحلم الخائب أو أصبح فأراً مذعوراً.. ماذا تطلب تلك الشخصية المتعجرفة القاسية النشأة قالوا عنها زعيمة من يفلت من قبضتها يولد من جديد ماذا تحمل في حقيبتها في حقيبتها طلاقي وحقيبة أحلامي تفتحها تفضحني وتلقي بملابسي الشفافة في الجرن فيراها الصبيان وتكون فضيحة إني أخاف من لقائها ومن قسوتها ومن عنف الأيام المتمثل في عينيها المتحجرتين.. قالت بلهجة من تأمر.. طالت رقدتك فوق البيض.. الحنة لازالت منقوشة على الكعبين أم جفت..؟!! وهذا الشعر المسترسل لميه ضفرية وضعيه داخل إيشارب وهذا الفستان أرميه لإخواتك في البندر وصباح الغد تكوني هنا أمامي كي تختاري عملاً فالنسوان في الدار تعمل مثل الصبيان هيا اختاري عملاً فالنسوان في الدار تعمل مثل الصبيان هيا اختاري عملاً والتزمي به وأمامي اصحي.. لا تعجبني الكحل في العين وإن يبلغني عنك أن عادل ولدي يحبك أكثر من عمله سوف أربيك وأربيه أسمعتيني..؟!! أم يتكرر نفس كلامي..؟!!خرجت كلماتي بصعوبة تسأل.. ماذا أفعل..؟!! قسمي لي عملاً وأنا بلا تردد أقوم به فأنا من يومي أعرف كيف أربي الأطفال وأقوم بغسل أواني الطهي بل أطهو وأغسل ضحكت أمه نجيبه ضحكه ساخرة وقالت: لا.. تلك الأعمال تفعلها طفلة صغيرة بلهاء..حله.. حلتين.. وكوب من ارز لسبعة أفرادأرز لسبعة أفراد غير سبعين.. عندك أربع أشياء اختاري واحدة منها..نظرت إليها في هلع وقد بت وشيكة أن أقع على أعتاب فراق أبدي.. استرسلت المرأة تتحدث بلسان الحاكم.. فيه نسوان بتروح الغيط تقلع.. تزرع.. تحش برسيم.. تنقي مرعى..لم أفهم منها شيئاً كأنها امرأة من عالم آخر.. نظرت ترقبني بعيون المرأة الداهية وقد شعرت أنها تقترب من الهدف المنشود وزادت في غلظتها وقالت:..وفيه نسوان تبقى في الدار كي تغسل كل المواعين المتسخة بطبيخ الأمس وتصنع شاياً للصبيان وتملأ قللاً فارغة تغسلها تماماً بالسرس وأحياناً بالسلك.. وتقلي فلفل وباذنجان للأنفار وتكنس وترش وسط الدار.. كل آذان أو تنزح هذا الحوض المليان المدفون على رأسه طلمبة ماء..وفتحت فمي في دهشة وقبل أن أتكلم قالت.. وفيه نسوان بتعلف البهائم وتسقيهم وتترب الزريبة وتشعرهم بالراحة فيدرون حليباً طازجاً وآآه لو نقص حليب اليوم عن الأمس وقعتها سودا بإذن الله.. وسترحم من منابها في اللحم ليلة الجمعة وسأجعل زوجها يعصي عليها.. فلا تبتل لها ضفيرة وتشمت فيها النسوان وتعايرها وتضحك… يا أم الزوج الغضبان..هيا اختاري مالك ملكومة كمن أكلت سد الحنك.. ردي.. ماذا اخترتي ويا النسوان السارحين ولا النسوان الموجودة في الدار..كان لابد أن أختار لكني بثقتي المعهودة ولباقتي قلت لها غداً.. اصبري عليه حتى يأتي عادل فأختار معه عملاً يرضيكي.. كانت أمه نجيبه تعشق عادل عشقاً.. قالت في صبر وتحد نصبر للغد.. هيا رصي صينية أكل وخديها فوق وفوقي والغد سنضع حدودا ًللخيبة المحدوفة علينا من البندر.. على فكرة أي كلام أقولهولك لا يسًمعه عادل كي لا يحدث في الدار حريق.. وأنا أهوى الحرائق بل وأزيدها اشتعالاً فأنا ولله الحمد لا أخشى على نفسي بل أخشى عليكن أنتن النسوان من لا تعجبها حياة الريف فلتذهب من حيث أتت وتتركنا نزرع نحتضن الزرع فيكبر ونحب بهائمنا فتعطينا الخير.. بلا فقر وعنطظة واختتمت وصلتها المعهودة في الهم..

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

اختيار

ماذا أختار..؟!! بكيت حتى احمرت عيناي.. دار عادل في الشقة.. فعلاً لابد أن تختاري حتى لا يندلع في البيت حريق.. فالنسوان بدأت تتهجم علي أمه نجيبه ويشمتن في خيبة ولدها المتعلم الذي أضاعت عليه كل سنوات العمر تربية وتدلله وتدعه يختار بقلبه بدعة جديدة لم نسمع عنها أبداً في حكاية يقول: زيزي يا أمي اختارها قلبي.. فليذهب قلبك لجحيم أبدي..قال.. اختاري الدار.. غسل المواعين أمر سهل أسهل من مرواح الغيط والشمس وحرراة يوليو ستصيرين عبداً أسود..أصرخ حتى تصفر أذناي لو أعرف أني سأتزوج فيالريف لأصير خادمة لأمه نجيبه لوضعت قلبي في البحر وقيدته بسلاسل من نار.. ماذا أختار.. أختار حلة واسعة وسع الطشت مليانه هباب أغسلها مرة بالسلك ومرة بالقش ومرة أخيره أجعلها تلمع.. أفعل مثلما كان يفعل مبيض النحاس الذي كانت تعطيه نينه وداد وتيته وداد حلتها كي يجليها ويزيل عنها الجنزراة حتى لا يتسمم من في الدار.. حلة أرز وأخرى لطبيخ يلتصق بالجدران ثلاثة أيام.. مواعين إلا المواعين..قال اختاري الطبخ.. الطبخ يا لها من مصيبة تجعلني أكاد أخرج عن وعي.. كيف أطبخ في كل مرة أخرط للطبخة الوحدة 10كيلو بصل وأخرى بيدي 10كيلوا طماطم وأمام الكانون أصهلل بيدي أدور بالملعقة الكبرى وألقم للنار قرص الجلة المفروط من آن لآخر كي لا ينطفئ الكانون.. وأقوم بتقشير بطاطس تكفي لإطعام الجيران في شارعنا.. إلا الطبخ..تداولنا كثيراً واحترنا أكثر وحتى آذان الفجر استعرضنا كل الأعمال وأخيراً قرر بعد مداولات واتهامات كادت أن توصلنا لطريق مسدود..سوف يحايل عادل أمه نجيبه كي ترضى أن تسند لي أعمالاً خفيفة ترضيني وترضيها.. سوف أقوم بعمل الشاي.. أمر سهل وهواية وثواب حين يمتلئ البكرج (البراد) بالشاي وأصب الأكواب وأدور كي أسقي الصبيان وأصحاب الصبيان والفتيان والنسوان والعائد من الغيط حين يصرخ وينادي أين يا بت الشاي..؟!! دماغي خرمان.. وعلى مضض توافق أمه نجيبة على عملي التعبان أهه تتعلم خلينا خلف الكداب تعاتبها النسوان زوجه ابنك خايبه لا تصلح إللا للبس وللبهرجة وقميص النوم العريان.. تصمت.. تتلعثم من تحت الضرس.. تقول أمري لله نتحمل ونشوف آخرتها.. والله آخرتها معروفة والصبر دليل الحيران.. في وسط الدار أغسل براض الشاي بسرس أحمر أجعله يبرق وصنيه بلون الفضة وأكواب كالبللور.. تصرخ لا يعجبها غسيلي.. تمسك بين يديها الكوب تتشمم.. لا تعجبني الرائحة وسوف يشتمنا الصبيان فالصبيان في الدار لا يطيقون للشاي أي رائحة منبعثة من الأكواب موقد الجاز شطب من الجاز قومي يا بت امليه بالجاز وهاتي شرايط أخرى حتى لا يتكون على البراص هباب كوني فنانة.. الأنفار يطلبون الشاي.. الشاي يغلي.. السكر يكفي اليوم بالكاد.. القلة المملؤة بالماء مرمية وسط الدار.. وحمار يرفسها برجليه فيكسرها تصرخ أمه نجيبه إلهي تنكسري يا زيزي.. شهادة الندامة.. ماذا نفعل بشهادة ملطوعة فوق الجدران.. ابني بصراحة يا ناس غلبان.. النسوان بتقول.. زيزي لا تصلح والصبيان بيقولوا العيش نازل من شقتها متعفن.. هيه على الدار بخسارة.. شوفوا لها مصيبة تخفى من الدار.. لم أعد أحتمل الشكوى.. الآهه تئن ما بين دموعي.. لابد من العودة لمدينة أحلامي مهما صار ومهما كان ألبس ثوباً باهتاً وأرتاد السيارة النصف نقل المخصصة لنقل البهائم.. أركب في الصندوق الخلفي جنباً إلى جنب مع بهيمة لباني صغيرة مربوطة بحبل في صندوق السيارة بقوة أستند إلى إحدى جوانبه ترفصني العجلة اللباني وتضحك مني قد صرت بجانبها كأن الإنسان في قريتنا بلا قيمة بل قيمة البهيمة تفوق ثمنه بكثير في القرية حين تموت بهيمة تصرخ سيدة الدار.. وتولول.. وتقول يا ليتني كنت بدلاً منها.فهي عشاء الأولاد وفطور الأولاد.. هي بسمة زوجي حين يعود واضعاً يده على رقبتها في حنان وآآه لو يفلت منه الحبل حين تغضب منه ينفرط العالم عقداً لا يهدأ إلا حين تعود لأحضانه فعشق الفلاح لبهائمه وعشقه للأرض..

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

اجتماع تحديد المصير

السيارة تصل لمدينتنا.. يااااه وحشتني حتى الموت رائحة السمك المقلي والأصداف تحملني إليها حملاً.. إني جائعة.. أريد أن أقفز من السيارة أرتمي هناك عند الرسوة وأرتاد اللنش أغرق في بحر الأوهام والأحزان وزواج خاب وحبيباً غاب بلا موعد.. وحين نزلت من السيارة اقتادتني قدماي بضعف مخمول حتى باب المنزل وحين رآني الأخوة والأخوات فقزوا فرحاً قد كانوا يعتقدون أني سافرت بلا عودة والخوض في سيرتي شيئاً مات وهل يجدي بكاء الأحياء على الأموات..؟!! لم يرحب أبي أبداً بقدومي وقال بقسوة أنت اخترتي طريقاً أشرت عليك ألا تمشيه.. والآن تعودين وتبكي غلطتك إنت حين قررتي الغربة لبلاد لا نعرف فيها أحداً ماذا أقول للناس..؟؟ خابت زيزي.. عادت بلا رجل.. والناس في مدينتنا لا يرجمون امرأة بلا رجل سوف يقولون ويعيدون وإن تزوجت بعد حين سيكون رجلاً أرمل ماتت زوجته ويبحث عن خادمة بالأجرة فيأخذ زوجة تعسة تصير زوجة أب يكرهها الأطفال..ظل يقول وأنا عن وعي أغيب.. ماذا أفعل..؟!! قال عودي فأنت تركت شقتك بلا استئذان لن يحضر زوجك كي يرضيك فأنت تركت الكل برغبتك فعودي من حيث أتيت.. اللآن..!! فلتتركني اليوم يا أبت فالنهار قد انتصف وقلبي مرهق.. متعبة لازلت من الأحزان.. قال قراري هو العودة.. عيشي بقية عمرك لا تأتي ثانية تشكي فالشكوى فشل والفشل طريق الشيطان.. هيا انصرفي عودي.. تعلمي وتأقلمي وتطبعي وألقي أثواب المدنية فأنت ولدت حين دخلت إلى زوجك بإرادتك لن تحميك الأيام..عودي طائعة وأحبي الكل وكوني خادمة لحماتك وحين ترضى عليك حماتك ستصبح كل الأشياء جميلة بسيطة سوف تزول أحزانك حين يأتي أول مولود.. الصبر جميل وأرضي دوماً بالمكتوب فالرضا بالمقسوم عبادة لا تعتقدي أن الزواج حين تنفض مراسمه سوف تعودين فراشة تحلق لا.. ستعودين أنت مغلقة مكسورة تخجل من ذكر هويتها.. هيا عودي أعطيها يا "زينب" سلة فيها طعام.. أشهى الطعام كي تأكل أمه نجيبه في الأول ثم تأكل هي وتنام وكأن شيئاً ما كان..وفي السيارة حين العودة جففت دموعي وقررت الثورة في وجه العنف وأوامر أمه نجيبه.. سوف أجعلها تقسم لي بالتساوي عملاً يجعلني أفخر أني امرأة فوق الكل.. امرأة تعمل ما يوكل إليها من أعمال سأضيف إبداعي في الطهي وفوق أعمالي في الدار سأكون امرأة متعلمة تعلم من يفتقد التعليم ويشكو من الجهل وبنور العلم سأسمو فوق الألم المكنون داخل أعصابي.. لن أبكي أبداً في تلك السيارة الآن ولدت سأخلع أثواب غروري إني أجمل أنثى في القرية وسأبقى زوجة قدوة ومثال سوف يقولون عني امرأة غلبت شجرة الدر بحكمتها وبفطنتها وفراستها سأسطر قصة عمري أوراقاً تزهو بربيع الزهر.. ومن بين حقول البرسيم والفول الأخضر والأرز سأضع الحبات الست داخل تميمة أعلقها بحجابي تحت الوسادة حين أنام سوف أحل رموز السحر وسأستيقظ عند الفجر وأدق بيدي طلمبة الماء بقوة فتسمعها كل سلفاتي فيمتن من الكيد ومن القهر.. فأنا امرأة ليست كما قالوا عنها خيبة محدوفة من البندر وسأجعل أمه نجيبه بيوم ميلادي ومجيئ للقرية تفخر لن أتوارى بعد اليوم أبداً.. لن أقهر..

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

خطة جديدة وأسلوب مختلف

من الطريق الزراعي للدار وضعت السلطة على رأسي محملة بالسمك البوري والحلوى الدمياطي وصابون معطر أحضره أبي من بورسعيد.. دخلت عليها مباشرة في وسط الدار.. كادت تهب من جلستها كي تضربني لأني تركت الدار بلا إذن منها.. وها هو النهار اقترب من الغروب وقبل أن تنهض وضعت السلة بين يديها توسلت إليها أن تسامحني فأنا ما ذهبت إلى بلدتنا إلا كي أحضر لها السمك البوري الذي تعشقه عشقاً وأردت أن أصنع لها مفاجأة.. أمسكت السلة قلبت الأكياس فتحتها.. اشتمت رائحة البوري.. اجتمعت النسوة ليصيب كل واحدة سمكة لكن هيهات انفرجت أسارير أمه نجيبة ودعت لي بالخير وقالت في حنان اسطوري يشبه حنان الملكة حين تهب شعبها منحة أو هدية قومي جهزي لعادل صنية تحت سريري نصف فرخة ولحوقي معمر وطبقاً من سلاطة وعيش رحالي وحادق على كيفك يالله همي قبل أن يأتي الزوج المتعب..وكأن دعوات أبي قبلت والمارد الهائج يستسلم.. بأمر الله والقرآن يقبع ساكناً يهدأ.. لا أكاد أصدق يا ربي.. ماذا أفعل خابت ظنون وتوقعات النسوان كي ينتظرن اليوم طلاقي لو طال غيابي أكثر من يوم قرار أصدرته أمه نجيبه اليوم سيتم طلاقها حين يأتي الزوج الغائب والخائب.. فالمرأة بهذا الشكل لا تنفع..في وسط الدار أسير ببطء وأمان وعلى رأسي حملت الصينية لزوجي لأول مرة أشعر أني أمتلك جزءاً من تلك الدار من اليوم أصبح من حقي أن أرفع غطيان الحلل الكبرى وأغرف وآكل بين النسوان ومن نفس ملاعقهم سآكل وعلى طبليتهم المنصوبة سأجلس ومن القلل المملوءة بمياه الطلمبات المالحة سوف أشرب.. وحين أتحسس شفتاي بلساني سأشعر أنهما بطعم الملح والعلقم.. وبطعم حياتي حين أفتقد الأهل والأصحاب والأصدقاء اليوم أبي يعلن موتي في بلدتنا ويعلن ميلادي في قرية زوجي لن أتحسر بعد اليوم على ثيابي الزاهية بألوان العشق وأظافري التي طالت منذ شهرين سوف تتقصف حين أقشر البطاطس ويختفي بياض يدي من تقشير الباذنجان والثوم وكميات البصل الذي أحضرها كل مساء من فوق سطوح الدار وسأجهز دلواً كي أنزح به الحوض الدافق بالماء ومداسي الجلد سأضعه في كيس وأحتفظ به حين تهل الأعياد أو شاءت أقداري وذهبت لطبيب حين أصبح حامل فأبي يقول سوف تحل كل مشاكلك حين يهل أول مولود سأعيش حياتي وآكل خبزاً ناشفاً ودقة مطحونة في الفرن وسأجلس في البراني أتسامر ويسامرني أطفال الدار أحمل كل الأطفال الرضع وأغسل وجوههم حين يبكون ويختلط تراب الأرض بالحلوى ويأكلون..سأعشق كل ذرة في الأرض الطيبة.. لن أنسى من اليوم أني بنت من نبت الأرض يرويني النيل الأسمر وأخاف على التقاليد وأنفذها بالحرف وأشتاق مع زوجي للحظة حب..عاد زوجي.. يرآني فلاحة أخرى يعشقها غير تلك البنت المتفرنجة بملابس ضيقة وماكياج يزعق بجمال فتان كانت ابتسامتي أجمل لون في كل الألوان أحمر الشفايف، نظرتي الحانية الراضية كحل رباني زاهي وأسناني كانت لامعة تبرق بالحب وبالشوق كاد حبيبي أن يذهل أن يرتاد سفائن حبي الهائجة بشراع السحر.. لم يعلم ماذا دهاني ومن غيرني ومن أعطاني همسات السحر.. لم يسألني عن أحداث اليوم لكن كل ما حيره شكلي وطريقة لبسي وكلامي. فلاحة كان يعشها في أحلام صباه الأولى وسادة ينام عليها حين تداهمه هموم الأيام فيرتاح ولأول مرة أتعلم شيئاً يسعد الأزواج في قريتي أقف وزوجي يتناول الطعام أضع براض الشاي فوق النار أجهز كوباً من الزجاج البنور النظيف يشرب زوجي ويضحك ينعدل مزاجه فالرجال في القرية لا ينعدل مزاجهم إلا بالشاي وصوت الشيشة يكرر فيكرر صوته بالضحكات وهمسات الحب المكنونة في صدر لا يعرف إلا امرأة تسكن عند غروب الشمس حين تحلب بقرتها وتغسل كل مواعيد الدار والمتبقي من الماء الساخن تغسل فيه قدميها المتعبتين بالحجر المصنوع خصيصاً لخشونة هذين الكعبين فتبر وبعد الاستحمام في الماء كحورية قادمة من أعماق البحر ترتدي ثوبها اللامع وغطاء رأسها المزركش والكحل الأسود الناعم في العينين.. حلاوة رباني هكذا أطلقن النسوة عليّ حين وضعت الكحل لأول مرة في عيني.. وضفرت شعري ضفيرتين تتأرجحان على ظهري في كبرياء..

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS